ونحن حينما نتكلم عن أبنائنا الذين يمرون بمرحلة المراهقة ، علينا ان نضع في الاعتبار – قبل الخوض في أي حديث عنهم ، بأنهم أفراد اعتياديون مثلنا مثلهم . لهم عقولهم التي يفكرون بها ويميزون ، ولديهم المشاعر والأحاسيس ، وعندهم الطموح والتمني والأمل . وهم يحاولون ان يثبتوا لآبائهم وأمهاتهم ومدرسيهم أنهم بشر . وما علينا نحن إلا إبداء النصح لهم دون إلزام ، والمفترض بنا كآباء وأمهات ان نكون قد أنشأناهم منذ طفولتهم ووجهناهم وأرشدناهم إلى خير المسالك وأفضل السلوك بالتربية الحسنة الفاضلة ، بحيث يميزوا عند وصولهم مرحلة المراهقة ، الصالح من القبيح ، والخير من الشر ، والمفيد من الضار !
لكن ، ان نهمل تربية وإرشاد الأبناء في طفولتهم ، وعند وصولهم مرحلة المراهقة الحساسة ، نتولاهم باللوم والتأنيب والتهديد ، وهم في أمس الحاجة إلى رعايتنا وصداقتنا ومضاعفة اهتمامنا ... فهذا والله هو الظلم والضلال والاستبداد بعينه ! فأبناؤنا وبناتنا المراهقون ، يعيشون فترة حيرة وتردد ، يحتاجون إلى يد رحيمة حانية تمتد إليهم فترشدهم إلى الاختيار الصحيح بالحكمة والموعظة والود .. وليس بالأمر والصراخ والطغيان . وإلا كيف سيبوح لك ابنك بما في نفسه من تساؤلات وعلامات استفهام وتعجب إذا لم تدخل إلى نفسه الطمأنينة والارتياح والثقة من ناحيتك ؟ ونفس الأمر ما بين الأم وابنتها المراهقة ؟
وليعلم السادة أولياء الأمور بأن عددا غير قليل من طلاب وطالبات المرحلة الثانوية – وهم من فئة المراهقين – يحاولون حل مشاكلهم بوسائل غير مرغوب فيها ، وغالبا ما تضر بهم ، ذلك لابتعاد الأبوين عنهم . وفي مثل تلك الحالات فأن اللوم يجب ان يوجه إلى الأبوين والى المربين ! فالمراهق لم يعد طفلا ، وبنفس الوقت ليس راشدا ، لكنه يعتقد بأنه ناضج وعليه فأنه يتبرم من توجيه الأوامر أو النقد نتيجة ذلك الاعتقاد.
أعزاءنا القراء ! ان مسئولية الآباء والأمهات والمربين مسئولية كبرى نحو أبنائهم وبناتهم ، خاصة الذين هم في مرحلة المراهقة . إذ ان عليهم ان يقوموا بمسئولياتهم بطريقة صحيحة يتقبلها أبناؤهم وان يقدموا إليهم نصائحهم ضمن الأحاديث المتبادلة بشكل ودي يجعل الأبناء يفتحون قلوبهم لآبائهم وأمهاتهم ، فلا يتيهوا أو يضطروا إلى الإفصاح للأصدقاء والزملاء الذين ربما يكونوا ذوي ميول عدوانية أو إجرامية غير سويه .
ومن أهم ما يميز المراهقين من صفات بشكل عام : التمرد – والسطحية – وعدم الشعور بالمسئولية – والتكتم . فالمراهق يشعر في الغالب بالرغبة في الاستقلال والتخلص من ضغط الكبار وتدخلهم في كل شؤون الأبناء ... والمراهق أيضا يميل إلى إضاعة الساعات في تصفيف شعره بأحدث الطرق وفي المكالمات الهاتفية وما شابه ذلك من أمور تعتبر بالنسبة للراشدين إضاعة للوقت بدون جدوى . ومثل ذلك سماع الموسيقى من المذياع أو آلة التسجيل أثناء الدراسة والمذاكرة . فهو يعيش في تناقض عجيب ، ويتصرف تصرفات أعجب تحتاج إلى سعة الصدر من جانب الوالدين ، وان يتذكرا بأن هذه مرحلة يمر بها الأبناء والبنات ، وعليهما المساعدة في ان تمر هذه المرحلة ويتجاوزها الأبناء والبنات بسلام ، بفضل حكمة الوالدين وصبرهما وتفهمهما .
وخلاصة القول انه إذا عمل الوالدان على توطيد الثقة مع ابنهم المراهق ... وإذا عمل المدرس على ذلك مع تلاميذه ، فأنه لن تكون هنالك شكوى طالما رددها الكبار بأن لا احد يستطيع معرفة ما يفكر به المراهقون ؟! فالأب والأم مسئولان عن حسن التصرف مع الابن المراهق والابنة المراهقة ، وعن تفهم المرحلة التي يمر بها كل منهم . وإذا تم لهم ذلك ، فأن كلا من الابن والابنة سيكون قريبا من والديه ويبوح إليهما بكل ما في داخله ، لأنه يعرف ان هنالك آذانا ستصغي إليه باهتمام وصبر وفهم ، وسيصل الطرفان إلى بر الأمان .